تجليات الخطاب الديني في المقامة الجزائرية التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية لمحمد بن ميمون الجزائري

Abstract

تزخر الساحة الأدبية العربية بأصناف شتى من الأجناس الأدبية النثرية ؛والتي تعكس ما يجول بأذهان الكتاب الذين أبدعوا في مجالات النثر العديدة ؛ كالقصة والرواية والمقالة، وكذا المقامة هذه الأخيرة التي لم تلق رواجا واسعا إذا ما قورنت ببقية الأجناس الأدبية الأخرى، و يعود سبب ذلك أن المقامة يشترط في كتابتها الإتيان بالأساليب المزخرفة والعبارات المنمقة )الصور البيانية والمحسنات البديعية( هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن كاتبها يكون مقيدا نوعا ما؛ نظرا لاعتماد كتابة المقامة على السجع؛ فالمقامة فن أدبي ذو طابع لغوي متميز بخصائصه وآلياته ومواضيعه التي تختلف باختلاف كتابها ، وباختلاف العصور والأزمنة التي عاشوا فيها وقد كان منشأ المقامة مشرقيا ، وذلك من خلال مقامات بديع الزمان الهمذاني الذي أبدع فيها وسار على دربه الكثير من الكتاب ومن بينهم الحريري وغيره ، ليتأثر أدباء المغرب العربي بهذا الفن فنسجوا على منواله ومن الكتاب الجزائريين -على الخصوص- الذين أبدعت أناملهم هذا الفن نذكر: ابن محرز الوهراني، محمد بن محمد بن المبارك الجزائري، محمد بن ميمون الجزائري ، وعبد الرزاق بن حمادوش الجزائري ، الشيخ محمد بن عبد الرحمان الديسي الجزائري .... وآخرون. وتسرد المقامة في قالب قصصي, أما من حيث موضوعاتها فقد كانت مختلفة ومتنوعة بتنوع كتابها ومشاربهم وثقافتهم، فوردت محملة بالكثير من الأشكال الأدبية الأخرى كالشعر، والأمثال، والحكم والنوادر... وغيرها، وهي مستمدة من معين التراث سواء كان تراثا دينيا أو سياسيا أو اجتماعيا، وعلى هذا الأساس أردنا أن تكون دراستنا حول مقامة من التراث الجزائري القديم؛ لما يحمله هذا التراث من كنوز غفل عنها الكثير من الدارسين فأدرج هذا البحث تحت عنوان "تجليات الخطاب الديني في المقامة الجزائرية" التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية لمحمد بن ميمون الجزائري- نموذجا- ارتأينا أن تكون دراستنا حول الخطاب الديني والذي يسمح للنص بإنتاج طاقه دلالية متميزة، يعمل المتلقي على استحضارها عبر البنيات السردية الناقلة للخطاب؛ فقد ارتبطت تكوينية الخطاب السردي لدى محمد ابن ميمون بمرجعيات دينية شكلت الخلفية الثقافية والإبداعية والمعرفية التي تكوَّن ضمنها خطاب المقامة ، حيث ظهر في شكل مغاير تماما عن المقامة المشرقية )الهمذاني والحريري( والتي كانت عبارة عن قصص خيالية أنتجت من خيال الكاتب يقصد من خلالها تصوير للواقع الاجتماعي ، أما مقامات ابن ميمون فهي تبدي نوعا من البعد عن القيم السائدة ,وجانبا من الحداثة وذلك من خلال تصويرها لشخصية البطل التاريخية وهي شخصية حقيقية، بالإضافة إلى أحداثها التي تمثل واقعا معاشا في زمن مضى. وعليه فقد كان سبب اختيارنا لهذا الموضوع أن المقامة الجزائرية لم تحظ باهتمام الدارسين والنقاد، على خلاف الرواية التي أصبحت حديث العصر، إضافة إلى إغفال الدارسين للعديد من النصوص التراثية كما ذكرنا آنفا ، والتي لحد الآن لم تر النور وفي حاجة لنفض الغبار عليها للاستفادة منها؛ فمن خلال العودة للتراث والتاريخ نتمكن من مسايرة الحاضر وبناء المستقبل.